تمتاز اللغة العربية عن غيرها من لغات العالم بالفصاحة في المعنى واللفظ. فالكثير من العبارات والأقوال لها مدلولٌ قوي وأثر أحد من السيف. فهي أولًا وأخيرًا، لغة القرآن الكريم.
وبرزت الكثير من الأمثال التي حملت في طياتها معانٍ بليغة، منها المثل القائل: “سبق السيف العذل”. وهو من الأمثال التي تُضرب في حالة التسرع في إصدار القرارات وتنفيذها دون تفكيرٍ مسبق.
كما ويُقال لمنع الإكثار في الكلام حول مسألةٍ ما وإلقاء اللوم والعتب على أمرٍ تم تنفيذه ويستحيل أن يعود مرةً أخرى، من باب الانقضاء والانتهاء وعدم الحاجة للخوض فيه والمجادلة.
لكن ياترى، من صاحب هذا المثل وما المناسبة في قوله؟
صاحب مثلنا هو “ضُبَّة بن أَدِّ بن طابخة بن إلياس بن مضر”. وكان ضُبَّة يملك قطيعًا من الإبل يرعاها وكان له ابنان، سعد وسعيد.
وفي ذات ليلة، لاحظ ضُبِّة أن الإبل تتفرق في جميع الاتجاهات، فطلب من ابنيه سعدٌ وسعيد أن يُسرعا لتجميع الإبل وإرجاعها مرةً أخرى.
فخرج كلٌ منهما مُسرعًا وافترقا عن بعضهما البعض خلال البحث. وبعد ساعاتٍ طويلة، عاد سعدٌ بالإبل لكن لم يعد سعيد مُطلقًا.
وبعد انقضاء مدة طويلة من البحث، خرج ضُبَّة إلى سوق عكاظ لشراء بعض حاجياته وقضاء أخرى. وخلال تواجده بالسوق، إذا به يرى رجلًا يضع على كتفيه بُردين عرفهما ضُبَّة. فهما نفس البُردين اللذين كانا على ابنه سعيد في تلك الليلة التي خرج بها لجمع الإبل ولم يعد.
فتقدَّم ضُبَّة للرجل وهو “الحارث بن كعب”، فسأله عن البُردين، فقال له الحارث أنهما لشابٍ صادفه منذ فترة ووصفه لضُبَّة، فعرف أنه ابنه. فسأله الحارث حينها أن يُعطيه البُردين لكن سعيدًا رفض فسل سيفه وقتله وسلبه البُردين.
فعلم ضُبَّة أن ابنه سعيد مات غدرًا وأن هذا قاتله يقف أمامه. فطلب من الحارث سيفه، فأعطاه السيف دون أن يعلم أن من يقف أمامه هو والد قتيله. فانقض ضُبة على الحارث فقتله.
فاجتمع الناس على الحارث المقتول ولاموا ضُبَّة في قتله والاستعجال في ذلك، فقال المقولة الشهيرة: “سبق السيف العذل”. والعذل هو العتاب، فأصبح المثل قولًا شهيرًا منذ ذلك الحين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق