ربما يبدو لك الاسم غريبًا أو يُشير إلى قوة ما فوق الطبيعة، لكن ظاهرة “دوائر الجن” شائعة للغاية في الصحراء الناميبية في أفريقيا ووُجدت حديثًا في منطقة بيلبارا غربي أستراليا ومناطق قليلة أخرى.
حيث تتشكل العديد من الدوائر الغريبة التي يُطلق عليها السكان المحليون اسم “دوائر الجن” بقطر 2 – 15 مترًا في منطقة شاسعة من الصحراء الناميبية وتمتد إلى حوالي 2400 كلم في أنغولا. وتتميز بأنها دوائر عارية من العشب تتشكَّل في أماكن الغطاء العشبي خاصةً في المراعي الصحراوية الرملية.
وكانت هذه الدوائر قد أثارت اهتمام علماء الجيولوجيا والبيئة منذ عام 1971م، لكن في تلك الفترة، لم يستطع أحدٌ منهم العثور على تفسير منطقي لما يجري في الصحراء، خاصةً أنها تتشكل لسنوات ثم تختفي دون سببٍ محدد!
أساطير وخرافات..
وكان السكان المحليون قد أوعزوا سبب تشكل هذه الدوائر الغامضة إلى عدة أسباب منها: أن تنين يعيش أسفل القشرة الأرضية وينفث الدخان باستمرار تحت الأرض ما يؤدي إلى احتراق الغطاء النباتي على سطح الأرض بهذه الطريقة!
آخرون اعتبروا السبب نبات “فربيون دامارا”، كونه يُفرز سمومًا قد تُسبب تآكل الغطاء النباتي. آخرون يجدون أن السبب هذ التربة المشعة أو النمل الأبيض في المنطقة.
أما الادعاء الذي يُصدقه شعب هيمبا الذين يسكنون الصحراء الناميبية، فيؤمنون أن دوائر الجن تشكلت بسبب آثار أقدام الآلهة في المكان ولا مجال للنقاش في هذه الظاهرة!
ومع تعدد الفرضيات والأسباب، لم يكن هناك تفسير منطقي واحد للظاهرة حتى وقتٍ قريب. عندما دحض عالم الأحياء الألماني “نوربرت جورجنز” من جامعة هامبرج كل الفرضيات والخرافات السابقة، وأثبت أن السبب في تشكل هذه الدوائر يعود إلى النمل الأبيض الذي يسكن المنطقة حسب دراسته.
وفق دراسة جورجنز، وبعد الفحص والاختبارات، تبيَّن أن النمل الأبيض يعيش بنسبة 80 – 100% في هذه الدوائر الغريبة، وكانت هذه الحشرة الوحيدة التي تعيش في الدائرة.
وحسب الدراسة، فإن أن النمل الأبيض يعمل على تشكيل هذه الدوائر الجرداء من أجل السماح بترشيح المياه من التربة، ما يسمح للتربة أن تبقى رطبة في الظروف الجافة ويحصل على قوته من الطعام والماء في المكان شديد الجفاف.
لكن العديد من الدراسات اللاحقة نفت دراسة العالم جورجنز وادَّعت بطلانها بسبب صور الحفريات التي نفت أو لم تُؤكد مسؤولية النمل الأبيض عن هذه الدوائر.
علماء آخرون مثل العالم “والتر آر”، ادَّعى أن فرضية جورجنز خاطئة لأن النمل الأبيض لا يبني أعشاشًا له على سطح الأرض، إنما يعيش داخل الرمال الصحراوية وليس فوقها!
أضف إلى ذلك أن مناطق أخرى في صحراء ناميب والصحراء الأسترالية وُجدت فيها دوائر الجن لم يُعثر بها على أي أثر للنمل الأبيض، ما يعني أن مسؤولية النمل الأبيض عن الظاهرة مشكوكٌ في صحتها!
حتى اليوم، ظل الجدل قائمًا بين علماء الجيولوجيا والبيئة عن المسؤول الأول عن تشكيل دوائر الجن. ومن المرجح أن يجد العلماء في المستقبل تفسيرًا منطقيًا لتشكلها بهذه الصورة المنتظمة. لكم ما نؤكده لكم، أنها ليست من صنع كائنات فضائية أو تنين تحت الأرض، ومؤكد أنها ليست ما يدعيه شعب هيمبا أنها: “آثار أقدام الآلهة”!
المصادر
0 التعليقات:
إرسال تعليق